فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَامَّةِ يَفْعَلُونَهُ) لَعَلَّهُ فِي زَمَنِهِ وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ فِي زَمَنِنَا رَمْيُ بَعْضِ الْعَامَّةِ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ إلَى بَطْنِ الْوَادِي وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَخِلَافُ السُّنَّةِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَلِّدُوا الْقَائِلَ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يُجَوِّزُ الرَّمْيَ مِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ إلَى خَلْفِ الشَّاخِصِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا عَقَبَتُهَا إلَى الْمَتْنِ.
(وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الرَّمْيِ) فَلَا يَعُودُ إلَيْهَا لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهَا شِعَارُ الْإِحْرَامِ وَبِالرَّمْيِ أَخَذَ فِي التَّحَلُّلِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ تَرَكَ الْأَفْضَلَ بِأَنْ قَدَّمَ الطَّوَافَ، أَوْ أَلْحَقَ قَطْعَ التَّلْبِيَةِ عِنْدَهُ وَقَطَعَهَا الْمُعْتَمِرُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ طَوَافِهِ (وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَضِيَّةُ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامُهُمْ أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ رَادًّا بِهِ نَقْلَ الْمَاوَرْدِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَكْرِيرَهُ لَهُ ثِنْتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا مَعَ تَوَالِي كَلِمَاتٍ بَيْنَهَا (ثُمَّ يَذْبَحُ مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ) نَذْرٌ، أَوْ تَطَوُّعٌ هَدْيَهُ وَمَنْ مَعَهُ ذَلِكَ وَمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ أُضْحِيَّتَهُ (ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ) لِثُبُوتِ هَذَا التَّرْتِيبِ فِي مُسْلِمٍ (وَالْحَلْقُ) لِلذَّكَرِ الْوَاضِحِ (أَفْضَلُ) غَالِبًا (مِنْ التَّقْصِيرِ) اتِّبَاعًا وَإِجْمَاعًا وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ بِالرَّحْمَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ لِلْمُقَصِّرِينَ» مَرَّةً رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُسَنُّ الِابْتِدَاءُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ وَاسْتِيعَابُهُ ثُمَّ اسْتِيعَابُ الْبَقِيَّةِ حَتَّى يَبْلُغَ عَظْمَيْ الصُّدْغَيْنِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْمَحْلُوقُ وَيُكَبِّرَ مَعَهُ وَعَقِبَهُ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَدْفِنَ شَعْرَهُ وَمَا يَصْلُحُ لِلْوَصْلِ آكَدُ وَأَنْ لَا يُشَارِطَ الْحَلَّاقَ.
كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ابْتِدَاءً مَا تَطِيبُ بِهِ نَفْسُهُ فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا زَادَهُ لَا أَنَّهُ يَسْكُتُ إلَى فَرَاغِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رُبَّمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ نِزَاعٌ إذَا لَمْ يَرْضَ الْحَلَّاقُ بِمَا يُعْطِيهِ لَهُ وَأَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ نَحْوِ شَارِبِهِ وَظُفُرِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ وَأَنْ يَتَطَيَّبَ وَيَلْبَسَ وَخَرَجَ بِغَالِبًا الْمُتَمَتِّعُ فَيُسَنُّ لَهُ أَنْ يُقَصِّرَ فِي الْعُمْرَةِ وَيَحْلِقَ فِي الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ الْأَكْمَلُ وَمَحِلُّهُ كَمَا فِي الْإِمْلَاءِ إنْ لَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ أَيْ: يَكُنْ بِهِ شَعْرٌ يُزَالُ وَإِلَّا فَالْحَلْقُ وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ وَأَخَّرَ الْعُمْرَةَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَسْوَدُّ رَأْسُهُ عِنْدَهَا قَصَّرَ فِي الْحَجِّ لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ التَّقْصِيرِ فِيهِ وَالْحَلْقُ فِيهَا إذْ لَوْ عَكَسَ فَاتَهُ الرُّكْنُ فِيهَا مِنْ أَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْوَدُّ حَلَقَ فِيهِمَا وَلَمْ يَحْلِقْ بَعْضَ الرَّأْسِ الْوَاحِدِ فِي أَحَدِهِمَا وَبَاقِيهِ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقَزَعِ الْمَكْرُوهِ (وَتُقَصِّرُ الْمَرْأَةُ) وَلَوْ صَغِيرَةً وَاسْتِثْنَاءُ الْإِسْنَوِيِّ لَهَا غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إذْ لَا يُشْرَعُ الْحَلْقُ لِأُنْثَى مُطْلَقًا إلَّا يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهَا لِلتَّصَدُّقِ بِوَزْنِهِ وَإِلَّا لِتَدَاوٍ، أَوْ اسْتِخْفَاءٍ مِنْ فَاسِقٍ يُرِيدُ سُوءًا بِهَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى وَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحَلْقُ بَلْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِحُرْمَتِهِ عَلَى زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ وَيُنْدَبُ لَهَا أَنْ تَعُمَّ الرَّأْسَ بِالتَّقْصِيرِ وَأَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ أُنْمُلَةٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا الذَّوَائِبَ؛ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِهَا يَشِينُهَا (وَالْحَلْقُ) أَيْ إزَالَةُ الشَّعْرِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِأَنْ وُجِدَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ التَّحَلُّلِ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ (نُسُكٌ) لَا اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ كَلُبْسِ الْمَخِيطِ (عَلَى الْمَشْهُورِ) فَيُثَابُ عَلَيْهِ لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا فِي الْخَبَرِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعِبَادَاتِ وَصَحَّ خَبَرُ: «لِكُلِّ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَقَطَتْ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (وَأَقَلُّهُ) أَيْ: الْحَلْقِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ (ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ)، أَوْ جُزْءٌ مِنْ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَا أَقَلُّ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ، وَإِنْ اسْتَرْسَلَ وَخَرَجَ عَنْ حَدِّهِ وَلَوْ عَلَى دَفَعَاتٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَإِيهَامُ الرَّوْضَةِ لِخِلَافِهِ غَيْرُ مُرَادٍ، أَوْ ثِنْتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ غَيْرَهُمَا أَوْ غَيْرَهَا وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} أَيْ: شَعْرًا فِيهَا إذْ هِيَ لَا تُحْلَقُ، وَهُوَ جَمْعٌ أَقَلُّهُ ثَلَاثٌ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا يُقَالُ الْآيَةُ حُجَّةٌ عَلَى التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ شَعْرِ رُءُوسِكُمْ، وَهُوَ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَدَفْعُهُ بِقَوْلِ الْمَجْمُوعِ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ التَّعْمِيمِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ مُؤَوَّلٌ كَمَا بَسَطْت الْقَوْلَ عَلَيْهِ مَعَ بَيَانِ أَنَّ مَالِكًا وَأَحْمَدَ وَغَيْرَهُمَا قَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّعْمِيمِ فِي إفْتَاءٍ طَوِيلٍ (حَلْقًا وَتَقْصِيرًا) فَسَّرَهُ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ كَفُّ الشَّعْرِ وَالْقَصُّ بِأَنَّهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْمِقَصِّ أَيْ: الْمِقْرَاضِ فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ الْآتِي مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ أَيْ الْمِقْرَاضِ.
فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ الْآتِي مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ تَأْكِيدًا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّقْصِيرَ حَيْثُ أُطْلِقَ فِي كَلَامِهِمْ أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْأَخْذُ مِنْ الشَّعْرِ بِمِقَصٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ نَتْفًا، أَوْ إحْرَاقًا، أَوْ قَصًّا)، أَوْ غَيْرَهَا مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْإِزَالَةِ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ نَعَمْ إنْ نَذَرَ الذَّكَرُ الْحَلْقَ تَعَيَّنَ، وَهُوَ اسْتِئْصَالُ الشَّعْرِ بِالْمُوسَى أَيْ: بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ شَيْءٌ لِمَنْ هُوَ فِي مَجْلِسِ التَّخَاطُبِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ إنْ قَالَ حَلْقُ رَأْسِي فَالْكُلُّ، أَوْ الْحَلْقُ، أَوْ أَنْ أَحْلِقَ كَفَى ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي نَذْرِ غَيْرِ الذَّكَرِ التَّقْصِيرَ الْمَطْلُوبَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ لِلتَّقْصِيرِ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ لِلْمُقَصِّرِينَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَهُوَ كَنَذْرِ الْمَشْيِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ انْضَمَّ لِكَوْنِهِ مَفْضُولًا كَوْنُهُ شِعَارَ النِّسَاءِ عُرْفًا بِخِلَافِ نَحْوِ الْمَشْيِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ ثُمَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ عَطْفًا عَلَى مَا يُسْتَحَبُّ وَالتَّقْصِيرُ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ مِنْ جَمِيعِ الرَّأْسِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَحُكْمُ تَقْصِيرِ مَا زَادَ عَلَيْهَا حُكْمُ الْحَلْقِ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَفَوْقَ الْأُنْمُلَةِ كَالْحَلْقِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ مِثْلَهُ لِلرَّجُلِ فِي حُصُولِ الْأَفْضَلِيَّةِ بِهِ وَلِلْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى فِي كَرَاهَتِهِ تَارَةً وَحُرْمَتِهِ أُخْرَى وَالْأَوَّلُ غَيْرُ مُرَادٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي هُوَ الْمُرَادُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ شَيْنٌ كَشَيْنِ الْحَلْقِ وَأَنَّهُ لَوْ نَذَرَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ انْعِقَادِ نَذْرِ التَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّهُ مَفْضُولٌ وَنَذْرُ الْمَفْضُولِ مِنْ خِصَالِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ فِيهِ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مِنْ نَذْرِ الرَّجُلِ الْحَلْقَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا زَادَهُ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُمْكِنٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَعْجِيلِ الْإِعْطَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِابْتِدَاءُ بِالْإِعْطَاءِ أَقْرَبُ إلَى الرِّضَا وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمُعْتَادُ، فَإِنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ يُحَرِّضُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ خَوْفًا مِنْ إعْرَاضِ الْمَحْلُوقِ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ يَسْوَدُّ حَلَقَ فِيهِمَا) أَيْ وَإِطْلَاقُ شَرْحِ مُسْلِمٍ اسْتِحْبَابُ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ وَالتَّقْصِيرِ فِي الْعُمْرَةِ لِيَقَعَ الْحَلْقُ فِي أَكْمَلِ الْعِبَادَتَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْوَدَّ رَأْسُهُ قَبْلَ الْحَجِّ وَإِلَّا حَلَقَ فِي الْعُمْرَةِ أَيْضًا أَخْذًا مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ النَّصِّ أَنَّ مِثْلَهُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَدَّمَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَكَلَامُ شَرْحِ مُسْلِمٍ الْمَذْكُورُ يُنَازِعُ فِيهِ شَرْحُ م ر أَقُولُ مَمْنُوعٌ لِوُجُودِ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ عَلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْلِقْ بَعْضَ الرَّأْسِ الْوَاحِدِ إلَخْ) أَفْهَمَ أَنَّ مَنْ لَهُ رَأْسَانِ يَحْلِقُ وَاحِدًا فِي أَحَدِهِمَا وَالْآخَرَ فِي الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرَةً)، وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِكَلَامِهِمْ، وَإِنْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ اسْتِثْنَاءَ الصَّغِيرَةِ الَّتِي تَنْتَهِي إلَى زَمَنٍ تَتْرُكُ فِيهِ شَعْرَهَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِثْنَاءُ الْإِسْنَوِيِّ لَهَا غَلَّطَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) لَا شُبْهَةَ لِمُنْصِفٍ فِي أَنَّ هَذَا الْغَلَطَ تَسَاهُلٌ قَبِيحٌ إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ نَصٌّ يَمْنَعُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَايَةُ مَا يُوجَدُ إطْلَاقٌ لَا يُنَافِي التَّقْيِيدَ الشَّاهِدَ لَهُ الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ: إذْ لَا يُشْرَعُ الْحَلْقُ لِأُنْثَى مُطْلَقًا إلَّا يَوْمَ سَابِعِ وِلَادَتِهَا) عِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَكُرِهَ الْحَلْقُ وَنَحْوُهُ مِنْ إحْرَاقٍ أَوْ إزَالَةٍ بِنُورَةٍ أَوْ نَتْفٍ لِغَيْرِ ذَكَرٍ مِنْ أُنْثَى وَخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ لَهُمَا مُثْلَةٌ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نَذَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَنْعَقِدْ بِخِلَافِ التَّقْصِيرِ وَمُرَادُهُ بِالْمَرْأَةِ الْأُنْثَى فَيَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ انْتَهَتْ وَقَالَ أَيْضًا وَلَوْ مَنَعَ السَّيِّدُ الْأَمَةَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْحَلْقِ حَرُمَ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَمْنَعْ وَلَمْ يَأْذَنْ كَمَا بَحَثَهُ أَيْضًا قِيلَ هُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَزِمَ مِنْهُ فَوَاتُ تَمَتُّعٍ أَوْ نَقْصُ قِيمَةٍ وَإِلَّا فَالْإِذْنُ لَهَا فِي النُّسُكِ إذْنٌ فِي فِعْلِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْإِذْنَ الْمُطْلَقَ يَنْزِلُ عَلَى حَالَةٍ فِي النَّهْيِ وَالْحَلْقُ فِي حَقِّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ وَكَانَ فِيهِ فَوَاتُ اسْتِمْتَاعٍ أَيْضًا فِيمَا يَظْهَرُ وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَمْنَعْ وَكَانَ فِيهِ فَوَاتُ اسْتِمْتَاعٍ م ر وَبَحَثَ أَيْضًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بِمَنْعِ الْوَالِدِ لَهَا وَفِيهِ وَقْفَةٌ بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إلَّا أَنْ يَقْتَضِيَ نَهْيُهُ مَصْلَحَتَهَا.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِخْفَاءٍ مِنْ فَاسِقٍ يُرِيدُ سُوءًا بِهَا) أَيْ وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهَا لُبْسُ الرِّجَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: بَلْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمَ بِحُرْمَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ اسْتِمْتَاعِهِ قَالَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَمِنْ الْعِلَّةِ يُؤْخَذُ أَنَّ نَحْوَ أُخْتِ السَّيِّدِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إذْ لَا اسْتِمْتَاعَ لَهُ بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْصٌ لِقِيمَتِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي فِيمَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّعْرِ الْجَدِيدِ الْمُزِيلِ لِلنَّقْصِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَشَمِلَ مَا مَرَّ الْمَرْأَةَ الْكَافِرَةَ إذَا أَسْلَمَتْ فَلَا تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَأَمَّا خَبَرُ: «أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ ثُمَّ اغْتَسِلْ» فَمَحْمُولٌ عَلَى الذَّكَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّدٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الزَّوْجُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ وُجِدَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ التَّحَلُّلِ) خَرَجَ مَا وُجِدَ بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا أَثَرَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَا أَثَرَ لِمَا نَبَتَ بَعْدُ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَلْقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِحَلْقِهِ لِعَدَمِ اشْتِمَالِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ مَنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ انْتِظَارُ نَبَاتِهِ بَلْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَلْقُ مَا نَبَتَ إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِحْرَامُ. اهـ.
وَقَوْلُهُ لَا يَجِبُ قَدْ يُفْهِمُ الِاسْتِحْبَابَ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذْ لَا يَنْقُصُ عَمَّنْ لَا شَعْرَ بِرَأْسِهِ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بَعِيدٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ثِنْتَانِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا الدَّفْعِ مَا يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يُؤَيَّدُ مَا يُقَالُ بِأَنَّ تَقْدِيرَ الْمُضَافِ هُوَ الْأَقْرَبُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ الشَّائِعِ فِي مِثْلِهِ فَهُوَ أَرْجَحُ وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَاجِبٌ حَيْثُ لَا صَارِفَ عَنْهُ وَلَاسِيَّمَا إذَا تَأَكَّدَ بِقَرِينَةٍ أُخْرَى كَفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُنَا عَلَى أَنَّ تَقْدِيرَ الْمُضَافِ وَحَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ وُجُوبِ الْكُلِّ عَلَى النَّاذِرِ إذَا قَالَ رَأْسِي فَلْيُتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ قَطْعُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ فِي ثَلَاثِ دَفَعَاتٍ فَلَوْ قَطَعَهَا فَنَبَتَتْ فَقَطَعَهَا فَنَبَتَتْ فَقَطَعَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ.

.فَرْعٌ:

لَوْ حَلَقَ شَعْرَةً وَنَتَفَ أُخْرَى وَقَصَّرَ أُخْرَى مَثَلًا فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْإِجْزَاءِ وَلَا يُقَالُ هِيَ خُصْلَةٌ زَائِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِزَالَةُ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عَطْفِ الْأَخَصِّ تَأْكِيدًا) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ عَطْفَ الْخَاصِّ مِنْ خَصَائِصِ الْوَاوِ فَحَيْثُ جَاءَ بَعْدَهُ بِأَوْ تَعَيَّنَ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا يُبَايِنُ الثَّانِيَ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَيْسَ عَطْفًا عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَيُؤَوَّلُ قَوْلُهُ فَعَطَفَهُ عَلَيْهِ عَلَى مَعْنَى فَعَطَفَهُ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ نَذَرَ الذَّكَرُ الْحَلْقَ تَعَيَّنَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ وَلَمْ يُجْزِ الْقَصُّ أَيْ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يُسَمَّى حَلْقًا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَإِذَا اسْتَأْصَلَهُ بِمَا لَا يُسَمَّى هَلْ يَبْقَى الْحَلْقُ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِالشَّعْرِ الْمُسْتَخْلَفِ تَدَارُكًا لِمَا الْتَزَمَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ النُّسُكَ إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ شَعْرٍ اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ الْمُتَّجَهُ الثَّانِي لَكِنْ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ دَمٌ إلَخْ. اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ نَذَرَ نَحْوَ الْإِحْرَاقِ أَوْ النَّتْفِ هَلْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ لِكَوْنِهِ مَطْلُوبًا مِنْ حَيْثُ عُمُومُهُ وَيَجْزِيهِ نَحْوُ الْحَلْقِ وَمَا لَوْ نَذَرَ حَلْقَ بَعْضِ الرَّأْسِ وَقَدْ يُتَّجَهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ يُقَالُ كَرَاهَتُهُ لِخَارِجٍ فَلَا تَمْنَعُ الِانْعِقَادَ فَلْيُرَاجَعْ.